ميثاق العمل الوطني
لدولة البحرين
شخصية البحرين التاريخية
حضارة ونهضة
منذ فجر التاريخ ، والبحرين حاضرة في ذاكرته ، سواء اتسعت دلالة التسمية جغرافياً أم ضاقت ، فهذا الأرخبـيل هو القلب من هذا الإقليم حيث التـقت طرق الحضارة في جزر البحرين ، وكانت دلمون التي مثـلت نقطة التـقاء العالم القديم الممتد من بلاد سومر في بلاد ما بين النهرين إلى ماجان في عُمان وصولا إلى حضارة بلاد السند شاهدا على ازدهار البحرين الاقـتصادي كمركز للتجارة الحرة وميناءً حيوياً للعالم على امتداد أزمنة التاريخ .
وقبل انبثاق فجر الرسالة الإسلامية كانت البحرين تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتـقدات على أرضها في نموذج نادر المثـال في تلك العصور.
وفى ظل هذا التسامح الروحي والفكري ازدهرت الثـقافة وتعايشت الأديان وشهد الشعر العربي على لسان شعراء البحرين أروع القصائد في الفكر والوجود مبشرة بنهضة جديدة للعرب على مسرح التاريخ.
وكانت البحرين من أوائل من استجاب للدعوة الإسلامية السمحاء ودخلت في دين الله طوعاً واقـتـناعاً ، كما كانت أول المدافعين عن هذا الدين وحملت لواء هذه الدعوة عبر مياه البحر إلى الضفة الأخرى من الخليج وصولا إلى بلاد الهند ، وأصبحت ثروات البحرين مصدرا مهما لموارد بيت المال الإسلامي ، كما ساهم شعبها منذ البدايات الأولى للحضارة الإسلامية في الإشعاع الحضاري الإسلامي وعلوم الفقه واللغة طيلة عصور الخلافة الإسلامية ، حيث تعمقت في وجدان هذا الشعب قيم الحضارة الإسلامية بما تمثـله من سماحة وعدالة وتـقوى.
وجعلت الجغرافيا الطبـيعية من البحرين مجالا خصبا للعمل البشري من زراعة وتجارة وغوص. ونظرا لما تـتمتع به البحرين من مكانة جغرافية تـتمثـل في موقعها المتميز ومواردها ، فقد تسابق عليها الفاتحون والطامعون ، ولا عجب أن قاوم شعبها هذه القوى الطامعة. وفي ظل هذه المقاومة والصراع ضد مختلف القوى الأجنبـية والإقليمية استطاعت القوى العربية تحت قيادة احمد الفاتح في الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي أن تدحر كل تلك القوى الخارجية وتوحد البلاد تحت نظام الحكم الخليفي في كل من إقليم الزبارة والبحرين.
ولقد كانت دعوة شعب البحرين بكل فئاته الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لتولي الحكم في البلاد ولتـفادي السيطرة الأجنبـية ، أول بروز للإرادة الوطنية الشعبـية عند أهل البحرين ، وهكذا جاءت البيعة الأولى في تاريخ البحرين الحديث لحاكم شاب جاء يحمل أملا لحكم وطني يصون سلمه وأمنه لخمسة وستين عاما أظهرت بشكل واضح مدى التلاحم بـين الشعب وقيادته ، وشكـّـل استـقراره السياسي والتجاري الحقبة الحضارية التي عبرت منها البحرين إلى العصر الحديث.
وجاءت استجابة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لمطلب تأسيس مجلس للشورى متـفـقة مع تـفـتح الوعي السياسي للحركة الوطنية المشتركة بين الحاكم وشعبه رغم مجابهة هذه المطالب بمقاومة القوى الأجنبـية.
وقد استطاع الشيخ حمد بن عيسى بن على آل خليفة الوريث الشرعي للحكم في البحرين مؤيدا من شعبه الذي كان دائم التلاحم مع القيادة ، أن يتعامل بواقعية مع الصراعات الدولية ويختط طريق التطور الواقعي ويتجاوز الأعراف التـقليدية القديمة ويفتح الطريق لنشوء المجتمع المدني الحديث من خلال تكريس التعليم الحديث وخلق الإدارة الحكومية الفاعلة والأداء البلدي العصري وسن القوانين والتـشريعات اللازمة وتـنمية البلاد خاصة بعد انطلاق الصناعة النـفطية بكل تحولاتها في البحرين.
وعندما تسلم مقاليد الحكم الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة عام 1942م كانت البلاد تعاني من الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها على منطقة الخليج وما سبـبته من ضائقة اقـتصادية ، واضطراب دولي وإقليمي ، وقد استطاعت البحرين أن تتجاوز تلك المرحلة وتواصل بناء الدولة وتطوير مؤسساتها ومرافـقها الحيوية وأن تعمل على تكريس الوحدة الوطنية والتلاحم بين القيادة وأفراد الشعب وإشراك المواطنين في إدارة شئون البلاد رغم ضغوط القوى الأجنبـية.
ولقد كان عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عهدا زاخرا بالإنجازات الحضارية والسياسية حيث أسس دولة البحرين الحديثة وأقام مؤسساتها وأعلن استقلالها السياسي الحديث وتخلص من المطامع والدعاوى الأجنبـية.
وكانت وقفة شعب البحرين في تأكيد عروبة واستـقلال البلاد بقيادة سموّه وقـفة تاريخية مشهودة وذلك من خلال الاستطلاع الذي قامت به لجنة تـقصي الحقائق للأمم المتحدة ، وشمل أبناء الشعب البحريني كافة ، حيث أجمع هذا الشعب على تمسكه بانـتمائه العربي وبيعته للشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وكان تجاوب الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة كبـيرا بأن أصدر دستور دولة البحرين كنموذج لأرقى المبادئ الدستورية والديمقراطية ، كما نالت البحرين استـقلالها التام في عهده الميمون وتم تـشيـيد الدولة على مبادئ الديمقراطية ودولة المؤسسات وسيادة القانون. وسوف يـبقى قرار الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بدء الحياة الدستورية وإجراء انـتخابات مباشرة حرة لتأسيس المجلس الوطني طبقا للدستور ، علامة بارزة في تاريخ البحرين.
وجاء التأيـيد والتضامن الذي شهدته البحرين عندما تولـــى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد المفدى دليلا على الالتـفاف الشعبي حول سموه ، حيث تـشهد البحرين في عهده انطلاقتها الديمقراطية لتحقيق آمال الشعب في دولة عصرية يسودها الأمن والاستـقرار والرخاء وتستكمل فيها مؤسسات الدولة الدستورية التي تضطلع بدورها في تحقيق طموحات القيادة والشعب في مجتمع تسوده العدالة وسيادة القانون.
وفي ظل هذه الظروف التاريخية يتطلع الشعب بكل ثـقة وعزم إلى مستـقبل مشرق، ملؤه الحرية والمساواة ، وركيزته العدالة والشورى ، وقاعدته المشاركة الشعبـية لكل فئات الشعب في مسئوليات الحكم.
إن دولة البحرين وقد أنجزت استـقـلالها السياسي الذي تم بفضل نضال القيادة الحكيمة وكفاح أبناء الشعب الوفي ، حافظت على كيانها وأراضيها ومياهها الإقليمية التي هي غير قابلة للتـفريط فيها ، أو المساومة عليها بأي صورة وتحت أي ظرف ، كما ينص على ذلك بوضوح دستور دولة البحريــن فــي مادتــه الأولى حيث لا يجيز " التنازل عن سيادتها أو التخلي عن شيء من إقـليمها ".
إن دولة البحرين قد مارست دورها السياسي كعضو فعال في المجتمع الدولي والإسلامي والعربي وأكدت تمسكها بكل ثبات بكونها أحد أسس مجلس التعاون لدول الخليج العربـية وبالتـزامها بالعمل المشترك مع الدول الأعضاء الشقيقة لتعميق التلاحم في منظومته بما يحقـق تطلعات شعوبه.
وحيث إن دولة البحرين استطاعت منذ استـقلالها إرساء الدولة الحديثـة القائمة على التوجه الديمقراطي ودولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون ،
وحيث إن دولة البحرين منذ عهد الاستـقلال التام قد أكملت نهجها كدولة في علاقاتها الدولية وفي مؤسساتها السيادية القائمة على العدل والمساواة بين المواطنين ومراعاة مصالحهم ،
وحيث إن حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله يطمح إلى تحقيق نهج ديمقراطي يرسي هيكلا ً متوازناً يؤكد الشراكة السياسية الدستورية بين الشعب والحكومة ، والفصل بين السلطات الثلاث وتعزيز آليات السلطة القضائية وإنشاء المحكمة الدستورية وديواني المراقبة المالية والإدارية ،
وحيث إنه قد توافرت الإرادة السامية للانـتـقال - ونحن في مطلع الألفية الثالثة - إلى دولة عصرية استكملت كل أطرها السياسية والدستورية للتـفاعل مع كل المستجدات المحلية والإقليمية والدولية ،
وحيث إن حصيلة تجربة دولة البحرين في العمل السياسي والاقـتصادي طوال العقود الثلاثة الماضية تـتطلــب مراعاة ما استجد من تطورات سياسية واقـتصادية واجتماعية وتـشريعية ، ولمواجهة التحديات المقبلة ، مع كل المستجدات على الصعيد العالمي ،
فـقد استـقر الرأي على أن يؤخذ بالثوابت الوطنية والسياسية والدستورية في هوية الدولة تأكيدا على النظام الملكي الوراثي الدستوري الديموقراطي ، حيث يخدم عاهل البلاد شعبه ويمثـل رمزا لهويته المستـقلة وتطلعاته نحو التـقدم ، وعلى إدخال تحديث في دستور البلاد بالاستـفادة من التجارب الديموقراطية لمختلف الشعوب في توسيع دائرة المشاركة الشعبـية في أعباء الحكم والإدارة ، ذلك أن ما أثبتـته بعض هذه التجارب من الأخذ بنظام المجلسين في العمل التشريعي يتيح الجمع بين ميزة الاستـفادة من حكمة ذوي العلم والخبرة من أعضاء مجلس الشورى وتـفاعل الآراء الشعبـية من كافة الاتجاهات التي يضمها المجلس المنـتخب انـتخاباً حرا مباشرا.
الفصل الأول
المقومات الأساسية للمجتمع
لا يمكن لأيّ مجتمع أن يستـقر، على مدى قرون ضاربة في القدم ، وينجح بجدارة في بناء حضارة متميزة كشأن المجتمع البحريني ، دون أن يتمتع ذلك المجتمع بمجموعة من القيم الأساسية التي تضمن تماسكه ، وتدفع به إلى الأمام ، وتعمل على رقيه ، وتدعم دولته المباركة انطلاقا من العقيدة الإسلامية السمحاء لشعب البحرين الأصيل وانـتمائه العربي ، فقد توافق المجتمع البحريني على مجموعة من المقومات الأساسية ، التي تـنسجم مع القيم العربية والإسلامية.
وهذه القيم التي ينبغي التمسك بها والحفاظ عليها ، بل والدفاع عنها ، لأنها اختيار المجتمع ذاته بكل فئاته واتجاهاته ، وهي غرس الآباء والأجداد من أجل وجود مجتمع فاضل وصيانـته. ومن ثم ، فإن هذه المقومات الأساسية لا يجوز لأي من السلطات العامة أو المواطنين الخروج عليها أو تجاوزها ، وذلك حرصا على صالح المجتمع والدولة. ويمكن إجمالها فيما يلي :
أولا : أهداف الحكم وأساسه
يهدف الحكم إلى صيانة البلاد ، ورفعة شأن الدولة ، والحفاظ على الوحدة الوطنية وتحقيق التـنمية المستدامة الشاملة في المجالات السياسية والاقـتصادية والاجتماعية والثـقافية وغيرها.
العدل أساس الحكم. والمساواة وسيادة القانون والحرية والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الإجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.
وهذه القيم الرفيعة التي تـتمسك بها دولة البحرين ، أميرا وحكومة وشعبا ، كل التمسك ، من أجل المستـقبل ، كانت هي ذاتها مناط الحكم وأساسه على مدار كل السنين السابقة ، مدعومة بقيم التراحم والتعاون والتواصل بين الحاكم وأفراد الشعب. ومن ثم فـقد احتـفظت قيمة العدل بجلالها وبهائها ، وعاشت هذه القيمة الأصيلة في مجتمع البحرين بكل احترام ورعاية إلى جانب قيمة التراحم والمودة.
ثانيا : كفالة الحريات الشخصية والمساواة
الحريــات الشخصية مكفولة ، والمساواة بين المواطنين والعدالة وتكافؤ الفرص ، دعامات أساسية للمجتمع. ويقع على الدولة عبء كفالتها للمواطنين جميعا ، بلا تـفرقة. ويأتي ذلك ضمن مبدأ أعم وأشمل ، هو مبدأ المساواة بين الناس في الكرامة الإنسانية. ذلك المبدأ الذي كرسه الإسلام قبل أربعة عشر قرنا من الزمان ، وقد أكد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، على أن الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأبيض على أسود إلا بالتـقوى والعمل الصالح. ويتـفرع عن هذا المبدأ الإسلامي والإنساني الرائع مجموعة من المبادئ المرتبطة به والتي تعد من مقـتضياته الأساسية وهي :
1 - المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات ، لا تميـيز بـينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ، وذلك ما أكده الأمير القائد في أول خطاب وجهه إلى شعبه غداة توليه مقاليد الحكم في البلاد.
2 - الحرية الشخصية مكفولة وفـقا للقانون ، فلا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تـفـتيشه أو تحديد إقامته أو تـقيـيد حريته في الإقامة أو التـنقل، إلا وفق القانون وتحت رقابة القضاء.
3 - لا يجوز بأي حال تعريض أي إنسان لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي ، أو لأية معاملة غير إنسانية أو مهينة أو ماسة بالكرامة. ويـبطل أي اعتراف أو قول يصدر تحت وطأة التعذيب أو التهديد أو الإغراء. وبصفة خاصة ، يحظر إيذاء المتهم مادياً أو معنوياً. ويكفل القانون توقيع العقوبة على من يرتكب جريمة التعذيب أو الإيذاء البدني أو النفسي.
4 - لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ، ولا عقوبة إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون المنشئ للجريمة.
5 - العقوبة شخصية ، والمتهم برئ حتى تـثبت إدانته ، بموجب محاكمة عادلة ، تـتوافر لـه فيها كافة الضمانات التي تكفل لـه حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة طبقا للقانون. ويجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يتولى الدفاع عنه بموافـقـته. وحق التـقاضي مكفول وفقا للقانون.
6 - للمساكن حرمة مصونة ، فلا يجوز دخولها أو تـفتيشها إلا بإذن أهلها ، واستـثـناء في حالة الضرورة القصوى يجوز ذلك في الأحوال التي يعينها القانون تحت رقابة السلطة القضائية.
7 - للمراسلات الشخصية حرمتها وسريتها ، والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية وغيرها مصونة ، ولا يجوز أن تخضع هذه المراسلات للرقابة أو التـفتيش إلا في حالات الضرورة التي يقررها القانون تحت رقابة السلطة القضائية.
ثالثا : حرية العقيدة
تكفل الدولة حرية العقيدة ، وتكون حرية الضمير مطلقة. وتصون الدولة حرمة دور العبادة وتضمن حرية إقامة الشعائر الدينية وفق العادات السائدة في البلاد.
رابعا : حرية التعبير والنشر
لكل مواطن حق التعبــير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرق التعبـير عن الرأي أو الإبداع الشخصي ، وبمقـتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي يـبـينها القانون.
خامسا : نشاط المجتمع المدني
من أجل استـفادة المجتمع من كل الطاقات والأنشطة المدنية تكفل الدولة حرية تكوين الجمعيات الأهلية والعلمية والثـقافية والمهنية والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية وفـقا للشروط والأوضاع التي يـبـينها القانون ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها.
سادساً : الأسرة أساس المجتمع
من منطلق الإيمان بأن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع ، وبصلاحها تـقوى أواصره وتعلو قيم الدين والأخلاق وحب الوطن ، تحفظ الدولة كيان الأسرة الشرعي ، وتحمي في ظلها الأمومة والطفولة ، وترعى النشء ، وتحميه من الاستـغلال وتـقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي ، كما تعني الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي.
وفي هذا الإطار تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة ، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي ، وتؤمن الدولة الرعاية الصحية وتعنى بالسياسات الصحية التي تعزز أهداف الصحة للجميع.
وتكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة وتعويض المصابـين بأضرار الحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية.
وتعمل الدولة على دعم حقوق المرأة وسن التـشريعات الخاصة بحماية الأسرة وحماية أفرادها.
سابعا : العمل وأجب وحق
العمل واجب على كل مواطن ، تـقـتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام ، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقا للنظام العام والآداب.
وتكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه ضمن برامج التـنمية الاقـتصادية الوطنية ، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يجوز فرض عمل إجباري على أحد إلا في الأحوال التي يعينها القانون ولضرورة قومية وبأجر عادل.
وينظم القانون على أسس اقـتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال.
ثامنا : التعليم والثـقافة والعلوم
ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون ، وتـشجع البحث العلمي ، كما تكفل الخدمات التعليمية والثـقافية للمواطنين. ويكون التعليم إلزاميا ومجانيا في المراحل الأولى التي يحددها ويـبـينها القانون الذي يضع أيضا خطة للقضاء على الأمية.
كما ينظم القانون أوجه العناية بالتربـية الدينية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه ، ويعنى فيها جميعا ، بالتربـية الوطنية وبتـقوية شخصية المواطن واعتـزازه بوحدته الوطنية وقوميته العربـية.
وتعد الجامعات بمثابة منارات للإشعاع الفكري والتـقدم العلمي مما يقـتضي توفير الحرية الأكاديمية لها وضمان ممارسة هذه الحرية وانفـتاحها على آفاق المعرفة ، وتعمل الدولة على تـشجيع التعليم الخاص وتأسيس الجامعات والمعاهد الخاصة. مع دعم مؤسسات البحث العلمي والتكـنولوجي وربط نظام التعليم بسوق العمل لتـلبـية حاجات البلاد من القوى البشرية المؤهلة في الحاضر والمستـقبل.
الفصل الثاني نظام الحكم
تمتع المجتمع البحريني ، على مدى القرون الماضية التي تولت فيها الأسرة الحاكمة الكريمة ، مسئولية حكم البلاد ، بخصوصية فريدة ، وهي قيام العلاقة بين الحاكم وشعبه على الترابط ، والتواصل المباشر ، والتـفاهم المشترك من أجل خدمة المواطن ورفع شأن البلاد. وفي ظل هذا المعنى ، فـقد توافـقت إرادة الشعب على أن يقوم الحكم في دولة البحرين على الأسس الرئيسية التالية :
أولا : الأمير
نظام الحكم في دولة البحرين ملكي وراثي دستوري ، على الوجه المبين في الدستور والمرسوم الأميري الخاص بالتوارث. والأمير هو رأس الدولة ، وذاته مصونة لا تمس ، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وهو رمز استـقرار البلاد ، والركيزة الأساسية التي يرتكز عليها نظام الحكم في دولة البحرين.
ويـباشر الأمير سلطاته بواسطة وزرائه. والوزراء مسئولون أمام الأمير ، وهو الذي يعين رئيس مجلس الوزراء والوزراء ، ويعفيهم من مناصبهم ، وفـقا لسلطاته المبـينة في الدستور.
ثانيا : شكل الدولة الدستوري
بعد أن من الله عز وجل على البحرين بنعمة الاستـقرار وما بلغته من تـقدم وقطعته من أشواط واجتازته من تحديات ، وبعد أن أكملت نضجها كدولة في علاقاتها الدولية وفي مؤسساتها السيادية القائمة على المساواة بين المواطنين ومراعاة مصالحهم ووحدتهم الوطنية ، فقد صار من المناسب أن تحتل البحرين مكانتها بين الممالك الدستورية ذات النظام الديموقراطي الذي يحقـق للشعب تطلعاته نحو التـقدم.
ثالثا : الشريعة الإسلامية والتـشريع
دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتـشريع.
رابعا : الشعب هو مصدر السلطات جميعا
نظام الحكم في دولة البحرين ديمقوراطي ، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبـين في الدستور.
خامسا : مبدأ الفصل بـين السلطات
يعتمد نظام الحكم ، تكريسا للمبدأ الديمقراطي المستـقر، على الفصل بين السلطات الثـلاث : التـشريعية والتـنفيذية والقضائية ، مع التعاون بين هذه السلطات وفق أحكام الدستور ، ويأتي صاحب السمو أمير البلاد على رأس السلطات الثـلاث.
سادسا : سيادة القانون واستـقلال القضاء
سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ، واستـقلال القضاء وحصانـته ضمانـتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات. وتعمل الدولة على استكمال الهيئات القضائية المنصوص عليها في الدستور وتعيـين الجهة القضائية التي تختص بالمنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح ، والنيابة العامة.
سابعا : حق الشعب في المشاركة في الشئون العامة
يتمتع المواطنون - رجالا ونساء - بحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية في البلاد بدءاً بحق الانـتخاب والترشيح طبقا لأحكام القانون.
الفصل الثالث
الأسس الاقـتصادية للمجتمع
قطعت دولة البحرين شوطاً كبـيرا في مجال التـنمية الاقـتصادية ورفع متوسط دخل الفرد فيها ، رغم قلة الثروات الطبيعية وندرة المياه ومحدودية رقعة الأرض والكثافة السكانية العالية ، نـتيجة السياسة الحكيمة لقادتها وحكومتها في ترشيد وحسن استخدام الموارد المتاحة للبلاد ، مما جعل البحرين تحقـق مستوى متـقدماً فــي التـنمية البشرية والحرية الاقـتصادية. إلا أنه لابد من اتباع السياسات التي تؤدي إلى توازن معدل النمو الاقـتصادي مع المعدل العالي للنمو السكاني. ويؤكد الميثاق تمسك دولة البحرين بالأسس الاقـتصادية التالية :
أولا : مبدأ الحرية الاقتصادية
يقوم النظام الاقـتصادي في دولة البحرين على المبادرة الفردية ، وحرية رأس المال في الاستـثمار والتـنـقل مع دعم وتأكيد دور القطاع الخاص في تـنمية الموارد وتـنشيط الحركة الاقـتصادية. وقد وفر هذا النظام في الحقب الماضية نـشاطا اقـتصاديا واستـثماريا ملموسا ، وأنتج تدفـقا مشهوداً لرؤوس الأموال للاستـثمار في البلاد.
كما يجب أن يصاحب الانفتاح الاقـتصادي تـغيير في تـفكير الإدارة العامة نحو تبـسيط الإجراءات والشفافية والقضاء على التداخل في المسئوليات وتحسين مستوى الخدمات ، وتحديث التـشريعات الاقـتصادية ، وأن تحكم كل ذلك معايير النزاهة وتكافؤ الفرص. ومن أجل تـفعيل أدوات المراقبة المالية والإدارية ، وزيادة شفافية العمل في كافة إدارات الدولة، يصبح من اللازم إنشاء ديوان للرقابة المالية وآخر للرقابة الإدارية.
ثانيا : الملكية الخاصة
الملكية الخاصة مصونة ، ولكل شخص حرية التصرف في ممتلكاته في حدود القانون ، ولا يجوز نزع الممتلكات الخاصة إلا لأغراض المنـفعة العامة ، وفي الحدود وبالكيفية التي يـبـينها القانون ، وبشرط أن يتم ذلك مقابل تعويض عادل.
ثالثا : العدالة الاقـتصادية والتوازن فى العقود
تعتبر الملكية الخاصة ورأس المال والعمل حقوقا فردية ذات طبيعة اجتماعية ينظم القانون التمتع بها ومباشرتها ، وذلك على أسس اقـتصادية وعلى أساس العدالة الاجتماعية. ويقرر القانون القواعد التي تضمن التوازن بـين أطراف الإنـتاج ، وكذلك التوازن في العلاقات التعاقدية.
رابعا: تـنويع النشاط الاقـتصادي ومصادر الدخل القومي
كانت دولة البحرين من أولى الدول العربية الخليجـية التي استهدفت تـنويع النشاط الاقـتصادي ومصادر الدخل القومي ، من منطلق عدم الاعتماد على مصدر أساسي واحد للدخل ، وذلك حرصا على ضمان توفير حياة كريمة لشعب البلاد في المستـقبل ، وتـفادي التـقلبات الاقـتصادية العالمية. وفي هذا الإطار فـقد أصبحت البحرين مركزا ماليا إقليميا هاما ، كما أصبحت مركزا من مراكز الجذب السياحية المعترف بها عالميا ، كما استطاعت من خلال تـقديم الدعم للصناعات التحويلية والصناعات ذات القيمة المضافة العالية وصناعة المعلومات وصناعة الخدمات بكل أشكالها ، أن تساهم بتطوير قاعدة التـنمية الاقـتصادية في الدولة وتوفير فرص عمل للمواطنين.
خامسا : البيئة والحياة الفطرية
نظرا للضغط المتـزايد على الموارد الطبـيعية المحدودة فإن الدولة تسعى إلى الاستـغلال الأمثـل للموارد الطبـيعية والتـنمية غير الضارة للبـيئة وصحة المواطن ، كما تأخذ في عين الاعتبار التوجهات العالمية في منع ومعالجة المشكلات البـيئية الكبرى وذلك من خلال وضع استراتيجية وطنية لحماية البيئة واتخاذ جميع الإجراءات والتدابـير التـشريعية المناسبة للحد من التـلوث من مصادره المختـلفة وتوفير التسهيلات للشركات الصناعية للتحول للإنتاج النظيف ، وضرورة إجراء دراسات التـقيـيم البـيئية قبل البدء في تـنفيذ المشاريع. من ناحية أخرى تـقوم الدولة بالمحافظة على الحياة الفطرية وخاصة البـيئات الطبـيعية المتـنوعة التي تـتميز بها البحرين بما في ذلك مكوناتها الحيوانية والنباتية من خلال وضع الخطط المناسبة لاستخدام الأراضي وإدارة المناطق الساحلية وإنـشاء منظومة من المحميات الطبـيعية على غرار محمية العرين ومحمية جزر حوار والميــاه المحيطة بها والتي تأتي أهميتها على المستوى العالمي نظراً لما يتواجد فيها من حيوانات وطيور نادرة.
سادسا : الأموال العامة والثروات الطبـيعية
للأموال العامة حرمة ، ويقع على كل مواطن واجب حمايتها ، وعلى السلطات العامة اتخاذ كل الوسائل التي تكفل صيانتها. والثروات الطبـيعية كافة ومواردها جميعا ملك للدولة. وتعمل الدولة على صيانـتها واختيار أفضل السبل الاقـتصادية لاستـثمارها.
سابعاً : العمالة والتدريـب
تأخذ دولة البحرين في اعتبارها أن أعظم الثروات التي تملكها هي المواطن البحريني ذاته ، الذي أثبت قدرة متميزة في مجال التحصيل العلمي والثـقافي. ولذا فإن دعم المواطن بالتدريب المستمر والتدريب التحويلي من شأنه أن يدفع بخبرات ودماء متجددة في سوق العمل ، مما يسمح بتوفير مجال أرحب من فرص العمل لهذا المواطن.
الفصل الرابع
الأمن الوطني
يعتبر الأمن الوطني هو السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة أراضيها ومكتسباتها الاقـتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التـنمية الشاملة خاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة ، ومن أهم ركائز الأمن الوطني دعم وتعزيز قوة دفاع البحرين لتكون قادرة على أداء مهامها وواجباتها على الوجه الأكمل ، كما تـقـتضي توفير المعدات والمقومات الأساسية لقوات الأمن العام لكفالة أداء واجبها في نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد والسهر على حفظ النظام والأمن العام ، ودعم وتعزيز الحــرس الوطني لأداء دوره فـي إطار منظومة قوة الدفاع والأمن ، باعتباره عمقاً عسكرياً لقوة دفاع البحرين ، ودرعا أمنياً لقوات الأمن العام في حماية الوطن ، وذلك دعماً لمسيرة التـنمية التي تـشهدها البلاد. وحفاظا على منجزاتها الحضارية ، وصيانة لكل شبر من أرضها وبحرها وسمائها ، وإن الانـتماء إلى أجهزة الأمن الوطني واجب وشرف لكل مواطن.
من هنا تأتي أهمية قوة دفاع البحرين التي هي رمز للوحدة الوطنية ، وسند للأشقاء ، وعون للأمة ، لضمان الأمن والاستـقرار ، لا في بلدنا فحسب ، وإنما في خليجنا العزيز، ووطننا العربي الكبـير. ولا يخفى على أحد أن الموروث الحضاري للبحرين يجعل من قوة دفاعها مدرسة للدفاع عن كل ما فيها من أصالة : أخلاقاً وبناء وحضارة ، فهي كما أريد لها منذ البدء رسالة خير وسلام من البحرين إلى الإنسانية جمعاء ، تعبـيراً عن القيم التي نـتـشرف جميعا بالدفاع عنها. ومن دواعي الثـقة في هذه المؤسسة الوطنية أن قائدها الأعلى ، حفظه الله ، كان جنديها الأول ومؤسسها الرائد منذ انبثاق " الضوء الأول ".
وفي عالم تـتسارع فيه الثورة العلمية والتكنولوجية ، وتـتـنوع مصادر تهديد الأمن والإضرار به ، يصبح توفير السلاح المتـقدم ، وامتلاك أحدث منظومات الأمن والدفاع ضرورة لا غنى عنها. على أن توفير العنصر البشري الذي سوف يستخدم هذا كله لا يقـل أهمية عن توفير السلاح ومنظومات الدفاع الحديثة ، لذلك فإن سياسات إعداد العنصر البشري الكفء ، ورعاية شئون منـتسبي قوة الدفاع تصبح عنصرا لا غنى عنه في تحقيق أمن البحرين وحمايته. وعليه فإن العمل على رفع القدرة القـتالية والإدارية والفنية لقوة الدفاع ، بالتدريب، والتـنظيم ، لتصل إلى أرفع مستوى ممكن ، يحتـل أولوية أولى في هذا الصدد.
كذلك فإن تحقيق قوة دفاع البحرين لأهدافها لا يمكن أن ينفصل عن ضرورة امتلاك سياسة دفاعية واضحة ، مدعومة ببرامج تفصيلية تـتوخى تحقيق هذه الأهداف ، ومن هنا ضرورة المراجعة المستمرة من أجل تطوير الرؤية الاستراتيجية ، والتكيف التكنولوجي ، وتحديد مصادر الخطر بصفة متواصلة.
الفصل الخامس
الحياة النيابية
عرفت البحرين الديمقراطية المباشرة منذ أن حمل آل خليفة مسئولية الحكم . إذ أن التواصل والتـشاور المستمر بـين الحاكم وشعبه ، وسياسة الباب المفتوح التي كانت وما تـزال نمطاً لأسلوب التعامل بـين الحكومة والشعب البحريني ، أدّى في الواقع العملي إلى أن تكون رغبات الشعب ومصالحه هي الباعث والأساس لكل سياسات الحكم. فكانت الحكومة وستـظل تستلهم نبض المجتمع ، وتعمل لغرض وحيد هو خدمة مصالح الشعب.
وتكرست بالمفهوم السابق الممارسة الديمقراطية في البحرين وتجسدت بإيجاد الدستور والمجلس الوطني المنـتخب ، ثم جاءت تجربة مجلس الشورى الذي أثبت جدارته في المناقـشة والدراسة وإبداء الرأي في كافة الموضوعات والمشكلات العامة التي تهم البلاد والتي تحقـق مصالح الشعب. وأثبت مجلس الشورى كذلك قدرة ملحوظة على مواجهة المستجدات بالمرونة اللازمة ، وكذلك ، فقد ضرب المجلس مثلا ممتازا في التعاون بينه وبين الحكومة من أجل خدمة البلاد.
غير أن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقـف عند حدود معينة ، طالما أن هنالك مساحات أرحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من أجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الديمقراطيات العريقة تأخذ بنظام المجلسين. فـتضم مجالسها التـشريعية مجلسين أحدهما يمثـل الاتجاهات والأفكار المتـنوعة ووجهات النظر المختلفة بـين أفراد الشعب في القضايا المعاصرة ، والآخر يعمل كمجلس للمختصين وأهل الخبرة. وقد أثبتـت التجارب في هذه الدول الديمقراطية فائدة هذه التـشكيل الثـنائي للمجلس التـشريعي ، ومن ثم رسوخه نظرا لعائده السياسي الممتاز.
ومن أجل مزيد من المشاركة الشعبـية في الشئون العامة ، واستـلهاما لمبدأ الشورى، بوصفه أحد المبادئ الإسلامية الأصيلة التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة البحرين. وإيمانا بحق الشعب جميعه ، وبواجبه ، أيضا ، في مباشرة حقوقه السياسية الدستورية ، وأسوة بالديمقراطيات العريقة ، بات من صالح دولة البحرين أن تـتكون السلطة التـشريعية من مجلسين ، مجلس منـتخب انتخابا حراً مباشراً يتولى المهام التـشريعية إلى جانب مجلس معيّن يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تـتطلبه الشورى من علم وتجربة.
ويتميز هذه التكوين الثـنائي المتوازن للسلطة التـشريعية بأنه يقدم في آن واحد مجموعة من المزايا تـتضافر مع بعضها البعض. فهو يسمح بالمشاركة الشعبـية في الشئون التـشريعية ، ويسمح بتـفاعل كافة الآراء والاتجاهات في إطار مجلس تـشريعي واحد.
وهكذا ، فإن هذا التـشكيل المقـترح للمجلس التشريعي ، الذي سوف يتطلب تعديلا دستوريا ، سوف يتيح له أن يستمد الحكمة والدراية من جانب ، وكافة التوجهات العامة للناخب البحريني من جانب آخر.
ولا شك أن هذا التعديل يؤدي إلى فتح آفاق أرحب لديموقراطية تعمل من أجل البناء والتـنمية والاستـقرار والرخاء ، ديموقراطية تعمل من أجل السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية.
الفصل السادس
العلاقات الخليجية
تؤمن دولة البحرين، حكومة وشعبا ، إيمانا يقينياً ، بوحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة لشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربـية ، فقد جمع بين هذه الشعوب أواصر الدم والنسب ووشائج القربى ، وقد دعم هذه الأواصر التاريخ المشترك والثـقافة والأعراف المتماثلة. ولقد كانت هذه الأسباب دافعا لدولة البحرين لكي تكون من بين الدول المؤسسة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مع أشقائها الآخرين من دول الخليج العربـية الأخرى.
فالتعاون الجاد بـين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعد أمراً ملحا ومصيريا من أجل صيانة المصالح العليا لكافة الأشقاء أعضاء المجلس ، ومن أجل تحقيق أفضل مستوى ممكن من التـنمية لدول وشعوب المجلس. وفي هذا الإطار ، فـقد استطاع مجلس التعاون لدول الخليج العربـية أن يثبت للعالم قدرته على الدفاع عن حرية وسيادة أعضائه ، وأنه يمثـل الدرع الواقي لاستـقلال هذه الدول.
ولذلك ، فإن دولة البحرين سوف تعمل دوما ، وبكل ما أوتيت من جهد على دعم مجلس التعاون ومساندة القضايا العادلة للدول الأشقاء الأعضاء فيه. وإن دولة البحرين تعتبر ذلك من ثوابت سياستها التي تعتبرها نهجا أساسيا وضروريا ومصيريا. ذلك أن أمن ورفاه دولة البحرين جزء لا يتجزأ من أمن ورفاه دول الخليج العربية الشقيقة الأخرى.
وسوف تواصل دولة البحرين مع شقيقاتها الدول الأعضاء في المجلس العمل لتحقيق المزيد من التـنسيق والتـقارب والتكامل في كيان المجلس خاصة في المجالات التي ما زالت تـتطلب تـنسيقا أكثر فعالية كالتكامل الاقـتصادي والتعاون الدفاعي والتـنسيق الإعلامي ، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير هيئة المشاركة الشعبـية ضمن مؤسسات المجلس.
الفصل السابع
العلاقات الخارجية
إن دولة البحرين تعتـز بحقيقة انتمائها العربي ، وبكون شعبها الأبي جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية ، وأن إقليمها جزء من الوطن العربي الكبير ، وقد تجسد هذا الانتماء ، ليس فـقط في وحدة اللغة والدين والثـقافــة ، ولكـن أيضـا فــي الآمال والآلام والتاريخ المشترك. وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن دولة البحرين لا تدع سبـيلا لدعم التعاون العربي إلا وتبادر إليه. فمنذ استـقلال دولة البحرين ، وهى عضو فاعل في جامعة الدول العربية ، وهي تعمل بجانب أشقائها العرب على تـفعيل دور الجامعة لكي تظل إطارا سياسيا وقانونيا يجسد وحدة الأمة العربـية ويعمل على تكامل العمل العربي المشترك وعلى تكريس إرادتها. وتؤكد دولة البحرين على تـشجيعها لكل صور التعاون الاقـتصادي العربي المشترك.
ومن هذه السياسات الراسخة لدولة البحرين ، أن الدولة تحرص بغير حدود على مساندة كل قضايا الحق العربي. وهى تـلتـزم بدعم أشقائها العرب في قضاياهم المصيرية. وفي هذا الصدد ، فإن دولة البحرين تساند وتؤكد على الحقوق الفلسطينية المشروعة ، وعلى الأخص حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستـقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتؤكد على ضرورة عودة واحترام كافة الحقوق العربية في ظل قواعد الشرعية الدولية.
وفى إطار منظمة المؤتمر الإسلامي ، ومن منطلق الإيمان بأن القيم الإسلامية أساسها الحق والخير والعدل والسلام ، فإن دولة البحرين تعتـقد أن التعاون بين الدول الأعضاء في هذه المنظمة على درجة كبـيرة من الأهمية من أجل مساندة قضايا الاستـقلال الوطني وحق الشعوب في تـقرير مصيرها ، وكذلك من أجل تحقيق مستوى أفضل من التـنمية للدول الأعضاء. وتأمل دولة البحرين أن تحقـق منظمة المؤتمر الإسلامي مزيدا من الفاعلية والتـقدم.
وعلى صعيد العلاقات الدولية السياسية ، فإن دولة البحرين تعتبر أن السلام العالمي والإقـليمي هدف أساسي واستراتيجي ينبغي أن تهون دونه كل الجهود ، وهي طبقا لذلك ، تـتمسك بالمبادئ الأساسية التي تـقرر ضرورة تسوية كافة المنازعات الدولية بالطرق السلمية ، وتحظر استخدام القوة للنيل من سلامة الأراضي أو الاستـقلال السياسي لأية دولة. ومن ثم ، فإن دولة البحرين تـشجع وتؤازر كل الجهود الدولية التي تبذل من أجل التسوية السلمية للمشكلات الإقليمية.
وتجدر الإشارة إلى أن دولة البحرين منذ دخولها في منظمة هيئة الأمم المتحدة قد ساهمت في كافة أنشطة هذه المنظمة وما تزال عن طريق المشاركة في قراراتها ، واستضافة المنظمات التابعة لها وتوقيع الاتـفاقيات والعهود الدولية لا سيما ما يتعلق منها بحقوق الإنسان ، والحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية للمواطنين وحقوق المرأة ، كما ساهمت بدور إيجابي كذلك في لجان الأمم المتحدة المتخصصة.
وعلى مستوى العلاقات الاقـتصادية والتجارية الدولية ، فإن سياسة دولة البحرين الراسخة في هذا المجال هي حرية التجارة الدولية ، وحرية انـتـقال الاستـثمارات ورؤوس الأموال والقوى العاملة ، وذلك مع الأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية الخاصة بكل دولة على حدة ، ومع التأكيد على أن الثروات الطبـيعية لكل دولة هي ملك لها لا يجوز أن يخضع التصرف فيها لأي نوع من أنواع الضغوط أو الإملاءات الخارجية.
استـشرافات المستـقبل
إن هذا الميثاق وقد توافق الجميع على محتواه حكومة وشعبا ، وأخذا في الاعتبار أنه يمثـل وثيقة عمل مستـقبلية للبلاد ، وأن تـفعيل الأفكار الأساسية الواردة فيه تـتطلب بعض التعديلات الدستورية ، فإنه يلزم لذلك ما يلي :
أولا : مسمى دولة البحرين
يقرر التعديل الدستوري التسمية الرسمية لدولة البحرين بناءً على الطريقة التي يقرها الأمير وشعبه.
ثانيا : السلطة التـشريعية
تعدل أحكام الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور الخاصة بالسلطة التـشريعية لتـلائم التطورات الديموقراطية والدستورية في العالم وذلك باستحداث نظام المجلسين ، بحيث يكون الأول مجلساً منـتخباً انتخاباً حرا مباشرا يختار المواطنون نوابهم فيه ويتولى المهام التـشريعية ، إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تـتطلبه الشورى من علم وتجربة.
وتصدر القوانين على النحو الذي يفصله الدستور وفق النظم والأعراف الدستورية المعمول بها في الديموقراطيات العريقة.
إن التوافـق الشعبي على هذا الميثاق يعبر عن الرغبة الشعبـية في تحقيق مستـقبل مستـقر ومزدهر للبلاد بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد المفدى حفظه الله.
جعلنا الله من ((الذين هم لأماناتهــم وعهدهم راعون)) كما وصفهم في محكم الكتاب ، وعليه سبحانه توكلنا ، هو نعم المولى ونعم النصير.